خطط التربوية من صف الحضانة إلى الصف الثانوي
الخطط التربوية للأهداف التعليمية
في مادة
التربية الأسلامية
من الصف الحضانة إلى الصف الثانوي الثاني
إعداد الأستاذة شيرين خورشيد
مراجعة أ.د. غسان سنو
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين سيّدنا محمّد المبعوث رحمة للعالمين، لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وعلى آله وصحبه الغرّ الميامين.
قال الله تعالى ﴿هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبين﴾ [الجمعة:2].
إنّها لنعمة عظيمة أن منّ الله علينا بإرساله رسولاً منّا يرشدنا إلى معرفة منهج الله تعالى الذي أمر به عباده منذ خَلَقَ آدم عليه السلام وعلّمه الأسماء كلّها.
هذا المنهج الذي شرعه الله عزّ وجلّ لهذه الأمّة هو الهدف للوصول إلى مرضاة الله عزّ وجلّ وللفوز بالجنّة.
قال الله تعالى: ﴿إنّ الدين عند الله الإسلام ﴾[آل عمران: 15].
لقد أرسل الله الرسل عليهم أفضل الصلوات وأتّم التسليم واختتمهم بسيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، إلا أنّ ما يحزّ في نفوسنا ويثير الأسى فينا اليوم، ابتعاد المسلمين – إلا من رحم ربّي – عن تطبيق المنهج الذي بيّنه لنا جميعُ رسل الله في جميع مجالات الحياة (الإجتماعية والإقتصادية والتربوية والسياسية والإعلامية والبيئية …)، مع العلم أنّ هذا الدين هو الدين الذي ارتضاه الله عزّ وجلّ لجميع الأمم منذ خلق آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فجميع الأنبياء دينهم واحد هو الإسلام، والاسلام استسلام لهذا المنهج الرباني الشامل الصالح لكلّ زمان ومكان مع العلم أن البشرّية لم تصل ولن تصل إلى منهج آخر يسير بهم نحو السعادة والخير.
أما التقصير الحاصل اليوم فهو تقصيران، تقصير من ناحية المنهج المتّبع في تربية فلذات أكبادنا، وكيفية إيصال المفاهيم الإسلامية إليهم، وتقصير آخر من خلال العلوم التي يدرسونها في المدارس والمعاهد والتي اسقطت من أولوياتها إيصال هذه المبادئ وهذه المفاهيم.
قد يقتصر تعليم مادة التربية الإسلامية في بعض المدارس على حصة أو حصتين في الأسبوع ضمن المنهج التعليمي العام، وقد لا نجد له حصصاً في بعضها الآخر، لكن المحزن أيضاً أن الكثير من المربين المسلمين قد ضيعوا ميزة التربية الإسلامية التي هي منهج شامل نستطيع الحصول عليه من خلال جميع العلوم العلمية من الرياضيات والفيزياء والكيمياء، كما العلوم الإنسانية. وبسبب هذا التقصير نشأت أجيال لا تنظر إلى الأمور إلا نظرة ماديّة سطحيّة متجاهلة علاقتها مع الله وعلاقتها بالآخرين وواجباتها تجاه أنفسها، فهي لا تقدر أن تتعرّف على رحمة الله ولطفه وبالتالي لا تقدر على التعرّف على عدوّها اللدود الذي أمرنا الله بالابتعاد عنه ومحاربته واتّخاذه عدوّا حيث قال الله تعالى: ﴿إن الشيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوًا﴾ [فاطر: 6].
لقد زيّن لنا هذا العدّو اللعين بواسطة أدواته وأزلامه فصل الدّين عن العلم حتّى كثر الإعتقاد أن الدين لا يعلّم سوى الأوهام والشعوذات والعياذ بالله، وأنّ العلوم الدنيويّة هي التي تُطوّر الحضارات والأمم: “كيف لا ونحن نشاهد غير المسلمين وغير المؤمنين بالله، يتقلّبون في الدنيا وفي البلاد، ويسهمون في جميع مجالات الحياة، مع أنّهم لا يتّبعون منهج الله تعالى، أمّا ما وصلنا إليه من تخلّف وضياع فهو لأننا تمسّكنا بمنهج الله وشرعه!!!.
هذه الصورة المشوشة التي يراها من ختم الله على قلوبهم وأضلّهم عن السبيل.
إن الأصل في وجود الإنسان والقصد من خلقه هو التعرّف على الله تعالى، على أسمائه الحسنى وصفاته العلى، على آلائه، على عظمة خلقه، أراده الله تعالى خليفة في الأرض مبقاً منهجه، ليعمر هذه الأرض وليسعى فيها مصلحاً، إن الله عزّ وجلّ خلق الجن والإنس ليبلوهم في ظروف هذه الحياة، إذ منحهم شروط الإمتحان قال تعالى: ﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾ [الملك: 2]، وفي رحلة الإمتحان طُلِبَ من الممتحنين أن يعبدوا ربهم قال تعالى: ﴿وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: 56]، فإن الله عزّ وجلّ ما طلب منهم شيئاً لمنفعة الله عزّ وجلّ، ولا لزيادة ملكه، ولكن طلب منهم أن يعبدوه ليستحقوا بعد ذلك السعادة في دار الخلود أما من كفر فله الخلود في دار العذاب.
فإذا أردنا تنفيذ هذه الأهداف، لا بد أن نتمسك بمنهج الله تعالى، وأن نتخطى المصاعب والأهوال التي تعترضنا، من هنا كانت خطوتنا هذه… بداية خير وبركة… بإذن ربّ العالمين، لإرشاد أبناء المسلمين إلى الطريق الصحيح، الذي يجب أن يسروا عليه ليلحقوا بركب أجدادهم الأوائل، الذين حققوا في الحياة سعادر ونجاحاً، وذلك من خلال وضع سلسلة تربوية جديدة من نوعها وجديدة في منهاجها، وفق إرشادات متخصصين تربويين وبمساعدة علماء النفس التربويين.
هذه المنهجية التي سنتّبعها مستقاة من الكتاب المبين، وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته المطهرة حيث اهتمّا بتربية الأجيال الجديدة بالحبّ والرحمة، ليكبروا وينشأوا متمتعين بروح الشجاعة والإقدام، متحلّين بالأخلاق الحميدة.. بقلوب معلّقة بالله؛ وهذا التعلّق نقطة بداية الطريق الموصل إلى رضوان الله.
ولقد نحونا بمنهجيّتنا منحى الشموليّة: مبتدئين بمعرفة
(من أنا؟)
و (ما الهدف من خلقي؟)
و (لم أنا؟) انتهاءً بالنتيجة المتوخاه:
(إلى أين؟)
فيتعرف المعلم على خالقِهِ الذي أكرمهُ ونعَّمهُ وكلّفَهُ وفضّلهُ على سائر خلقه تفضيلاً…
ومن ثمّ يتعرّف على عدّوه الأكبر، وعدّو الله، إبليس.. وكيف يحصّن نفسه منه، ومن وسوسته ومن مكائده.
ثمّ يتعرّف بعد ذلك كيف يواجه الشبهات، بالإيمان والعلم والحوار.
كما سيتعرف على مسكنه الأوّل – الجنّة – التي سيعود إليها عن طريق تطبيق منهج الله تعالى في حياته اليوميّة، فينمّي علاقته بالله، ويصحّح علاقته مع نفسه، ومع الآخرين، وكذلك مع ما خلقه الله تعالى من حوله، كالبيئة المحيطة به.
فهدفنا إذاً من هذه المنهجيّة:
إعداد إنسان مؤمن بالله، يعبده بإخلاص، يعمر هذا الكون، ويؤدّي وظيفته في الحياة، مستقلاً، مسؤولاً.
هذه المنهجيّة مدّتها الزمنيّة: خمسة عشر عامًا، تبدأ مع المتعلم من سنّ ثلاث أعوام إلى سنّ الثامنة عشر، وحين يتخرّج من مراحل دراسته، وينتقل إلى المرحلة الجامعيّة يكون قد تمكّن من جزء مهم من الثقافة الإسلاميّة.
نريد من هذا الإنسان أن يعبد الله تعالى حقّ العبادة، أن يعبده بإخلاص، بعد أن يتعرّف على عظمته وقدرته. أن يطبق منهجه في الإعمار والإصلاح وأن يكون مستقلا – لا إمّعة – مسؤولاً – قادراً على تحمل الأمانة – مؤدياً وظيفتهُ في الحياة كما يُحبّ الله ويرضى في أي حال كان وفي أي موقع: [كأب، أخ، صديق، طبيب، مهندس، زوج، جار، أستاذ…]
قال تعالى: ﴿يَحذَرُ الآخرةَ ويرجو رحمةَ رَبّه﴾ [الزمر:9].
وقال تعالى ﴿فمن كان يرجو لقاء ربِّه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربّه أحدًا﴾ [الكهف:140].
نريد منه أن يكون عبداً لله ، يرجو رحمته ، و لا يشرك به شيئًا.
بعد دراسة هذه الأهداف العامَّة ، وضعنا أهدافاً خاصّة تناسبها، ولكي نصل إليها، عدنا إلى موضوع الحكمة من خلق الإنسان، فبدأنا مع آدم عليه السلام، وتعرّفنا على المهمّة التي من أجلها خلقه الله، ولأنّ آدم عليه السلام حمل هذه الأمانة، فقد توعّده الشيطان بإغوائه وإغواء ذريّته من بعده فجاءت الدراسة على الشكل الآتي:
أولاً: التعرّف على الحكمة من وجود الإنسان في هذهِ الحياة .
ثانياً: التعرّف على رحمة الله تعالى، وكرمه وهدايته لنبي البشر وتكريمه لهم وجعلهم خلفاء في الأرض ليعمروها.
ثالثاً: التعرّف على عدّو الإنسان الأول إبليس، والطرق التي يستطيع الإنسان من خلالها التغلّب عليه، ودحر كيده.
رابعاً: التعرّف على النفس وما تهوى، وكيفية مجاهدة شهواتها، وهدايتها إلى ما يحبّه الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
خامساً: التعرّف على الطرق الموصلة إلى مرضاة الله تعالى ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
سادساً: التعرّف على الهويّة، الهويّة التي يحملها المسلم معه أينما ذهب، ﴿إنّ الدين عند الله الإسلام﴾، فالدين الذي جاء به الأنبياء هو الإسلام، من لدن آدم عليه السلام إلى سيّدنا محمّد عليه أفضل الصلاة والسلام خاتم النبيين والمرسلين.
وهو دين البشر أجمعين إلا من أبى و هو دين الفطرة الإنسانية، ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناّس لا يعلمون﴾ [الروم: 30].
وقال تعالى:﴿صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون﴾ [البقرة:138].
سابعاً: التعرّف على المنهج الذي يجب اتباعه في هذه الدنيا، وينقسم إلى:
1- توحيد الله تعالى وتنزيهه من خلال التعرّف على أسمائه وصفاته، وآلائه وأفعاله، الإيمان بملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشرّه.
2- الإسلام من خلال التعرف على منهجيّة الوصول إلى هذا المنهج الإسلامي عبر تطبيق أوامره وإجتناب نواهيه.
3- الإحسان من خلال التعرف على مكارم الأخلاق وتطبيقها في الحياة اليومية مع الآخر (أيًّا كان الآخر).
ثامناً: ترسيخ محبّة الله عزّ وجلّ، ومحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من خلال إتّباع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كلّ أقواله وأفعاله، لأنّه القدوة التامة.
تاسعاً: توثيق الصلة بكتاب الله عزّ وجلّ، من خلال تلاوته بتدبّرٍ وفهم، وتفاعل وجدانّي وسلوكيّ، ومن خلال تطبيق تعاليمه الشاملة لجميع أمور الحياة، وتوظيف ما اكتسب في السلوك اليومي.
عاشراً: التمكن من خلقيات ومهارات، تحقّق للفرد الاستقلالية والمسؤولية في السلوكيات (الروحية – الإجتماعية – المادية – الثقافية – البيئية – الإقتصادية).
أمّا وسائلنا فهي وضع مناهج دراسيّة لكتاب تربية إسلامية، من صف الحضانة.. إلى صفّ الثانوي الثاني.. يتعلّم من خلالها الطالب:-
1- كيفية حبّ الله عزّ وجلّ وذلك بالتعرف على عظمته وقدرته وآلائه ومن ثمّ على اسمائه وصفاته العليا…
2- كيفية حبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والاقتداء به بالتعرف على: سيرته وأقواله وأفعاله لنهتدي بها في حياتنا اليومية.
3- كيفية حبّ الذات دون أنانية وحبّ الآخرين (من خلال ممارسة السلوكيات التي تنوّر قلب الإنسان، وتُشعره بالراحة والطمأنينة ومن ثمّ تنعكس على هدوء الروح وشفافيتها، وكذلك راحة النفس، ومن ثمّ التصرف السليم من خلال توجيهات الشرع الحنيف).
4- التعرّف على مكوّنات الإنسان: القلب، الروح، النفس، العقل.
5- كيفيّة حبّ الخير والعمل الصالح، والتعلق بسلوك العمل الصالح منها:
– صلة الأرحام.
– تكوين صداقات مبكرة تعيننا على محبّة الله ورسوله وفعل الخيرات.
– العلاقات مع الآخر (الأرحام – الجار – الصديق … ).
– تركيز الطموح وتنميتة وجعله هدفًا من الأهداف، وذلك لتحقيق المقاصد الشرعية كلها في إعمار المجتمع وإعمار الكون.
6- الحرص على تعلم الحلال والحرام.
7- الحرص على ربط العلم بالدين وتعزيزه بالدلائل والاستشهادات.
8- تعلّم الأخلاق الحميدة لتصبح جبلة فيه كالصدق والعفو والرحمة والعفة وكظم الغيظ وكف الأذى والكرم والإيثار، وغيرها من محاسن الأخلاق.
9- تعلم عدة مهارات منها:
– مهارة أخذ القرار.
– مهارة أسلوب حوار سليم.
– مهارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– مهارة المقارنة.
– مهارة التحليل.
– مهارة التقييم.
– مهارة التقويم والإبتكار.
راجين من المولى تعالى العون والتوفيق، ومنكم دوام التعاون والنصح والإرشاد لإعلاء كلمة الله تعالى.