محاضرات

قَصَصٌ نبويّة بأسلوب تربويّ جديد (ج 6)

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى   1440هـ  2019م

قَصَصٌ نبويَّة   بأسلوب تربويّ جديد       الجزء السادس

إعداد وتحقيق وتدقيق الدكتورة شيرين لبيب خورشيد

مراجعة لغوية

أ. هيام كامل عيتاني خشّوف

أ. نوال محمّد نبعة

أ. فاطمة سعيد الشبعان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، الذي خلق فسوّى وقدّر فهدى، خلق الزّوجين الذّكر والأنثى، ليبلوهم أيّهم أحسن عملاً، والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين سيّدنا محمّد عليه أفضل الصّلاة والتّسليم خير قدوة للعالمين.

أمّا بعد:

ها هو الجزء السّادس من القَصص النّبويّ، بفضل الله ومنّه وكرمه، وبعد متابعة مقدّمات الأجزاء الخمسة من قصَص نبويّة بأسلوب تربويّ جديد، سأضع بين أيدي المعلّم (المعلّمة) والأستاذ (والأستاذة) والمربّي (والمربّية)، الخطوات التي سرنا عليها لنصل إلى تأليف هذه القَصص التّربويّة الهادفة، مبيّنة وشارحة ما هي أهداف قَصص الأنبياء…

كما ذكرت سابقاً الإيمان بالرّسل صلوات ربّي عليهم فرض عين على كلّ مسلم ومسلمة، ومن أنكر بنبيّ واحد منهم فقد كفر على ما أنزل على قلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً *أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِيناً *وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ نُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا *} [النّساء: 150 ـ 152] .

أهداف قَصص الأنبياء:

1 ـ معرفة الله وحسن عبادته، ويتحقّق في ترسيخ القوى الرّوحيّة، والمبادئ والمثل الأخلاقيّة المستوحاة من كتاب الله وسنّة رسوله (صلى الله عليه وسلم) عن طريق:

1 ـ تربية النّفس على الأخلاق الحسنة.

2 ـ تزكية النّفس وتكميلها.

3 ـ تحقيق الأخوة الإسلاميّة.

4 ـ بثّ الرّوح الاجتماعيّة وتنميتها لدى الفرد.

5 ـ تحقيق التّوازن بين مطالب الفرد والمجتمع.

* تعويد الطّفل على ممارسة الأخلاق والفضائل في مواقف عمليّة في حياته وواقعنا فعليّاً منذ الصّغر.

القيم الفعلية:

ـ الصّدق.

ـ الأمانة.

ـ التّعاون.

ـ حبّ الآخرين.

ـ التّواضع.

ـ حفظ السّرّ.

ـ الإباء.

ـ التّسامح.

ـ العفّة والرّحمة.

ـ كظم الغيظ وكفّ الأذى.

ـ مقاومة المنكر.

* وضع منهاج للآباء لتربية الأبناء وذلك تحت عنوان بيان الطّريق في رياضة الأطفال.

6 ـ بناء العقيدة الصّحيحة في نفوس الأفراد.

7 ـ معرفة القيم والفضائل الاجتماعيّة، بأنّها قائمة على أسس عقائديّة سليمة.

8 ـ الالتزام بقواعد وأنظمة المجتمع لمحاسبة النّفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.

9 ـ الالتزام بالتّوحيد الصّحيح فإنّها تحرّكه وتوجّهه نحو فعل معين، فالتّوحيد الصّحيح ومعرفة صفات الله وأسمائه الحسنى، والأمانة والفطرة، وأهمّ معاني الخلافة في الأرض يوجهه ويحرّكه باتجاه سليم مستقيم في أعماله.

أمّا السّلّم القيميّ الذي اتّبعته في تأليف القَصص كان كالتّالي:

1 ـ التّدرّج من السّهل إلى الصّعب.

2 ـ اختيار الزّوج الصّالح والزّوجة الصّالحة لإيجاد البيئة الصالحة. كما أنّ الطّفل لا يستغني عن الأطفال ممّن هُم في عمره، لذا واجب الآباء اختيار أصحاب أطفالهم.

3 ـ ضرورة تنشئة الطّفل وتكوينه إنساناً متكاملاً من النّاحية الأخلاقيّة بحيث يحيا في حياته مفتاحاً للخير ومغلاقاً للشّرّ.

4 ـ استخدام جميع الأسس والطّرق والأساليب التي تساعد على تحقيق الإنسان العفيف الخلوق.

5 ـ غرس قوّة الإيمان: (إذا سرّتك حسنتك وساءتك سيّئتك فأنت مؤمن).

6 ـ الإيمان بالله: قول باللّسان، تصديق بالجنان، وعمل بالأركان.

7 ـ القدوة الحسنة: من قَصص الأنبياء نذكر في كلّ قصّة هذا الأمر حتّى يترسّخ في ذهن الطّالب القدوة الحسنة وأثرها في حياة الإنسان:

أ ـ الآباء والقدوة الحسنة.

ب ـ الصّحبة الصّالحة والقدوة الحسنة.

يرى علماء التّربيّة: أنْ يكون الآباء والأمّهات خير قدوة للأبناء في سلوكهم وأفعالهم.

ـ تركيز عيون الأولاد على الوالدين القدوة يؤثر نفسيّاً وعاطفيّاً عليهم.

8 ـ قيمة أهمّيّة العمل بجانب العلم. بأن يعتاد المتعلّم ممارسة المبادئ والقيم الاجتماعيّة والأخلاقيّة منذ الصّغر زمناً طويلاً حتّى تصبح عادة. «لن ترسّخ جميع الأخلاق الدّينيّة في النّفس ما لم تتعود النّفس جميع العادات الحسنة وما لم تترك جميع العادات السّيّئة».

ومن أجل الوصول إلى تطبيق هذه القيم كان لا بدّ من الاستعانة بما كتبه علماؤنا قديماً في التّربية وخاصّة في علم النّفس التّربويّ، واهتمّوا بنفسيّة المربّين والمتعلّمين منه ما تجده عند ابن جماعة في «تذكرة السّامع والمتكلّم في أدب العالم والمتعلّم»، أو عند الغزاليّ الذي استفاض في هذا المجال في كتابه «إحياء علوم الدّين» حيث حرص على التّربية النّفسيّة والرّوحيّة والاجتماعيّة والعقليّة والتّربية الجسميّة والتّربية الأخلاقيّة للفرد المسلم.

ومنهم أيضاً الإمام ابن الجوزيّ وأبو نعيم الأصبهانيّ في العام الخامس للهجرة، وابن سحنون الأندلسيّ في كتابه «آداب المعلّمين». الذي تميّزت التّربية عنده بعد الانفتاح السّائد والتّعامل مع الدّول المجاورة الأوروبيّة:

* بالانفتاح.

* بالشّفافيّة.

* عدم التّمييز العنصريّ اللّونيّ السّائد في ذلك الوقت، وأهمّها الجنسيّ والعرقيّ والعقديّ، وقد دعا إلى التّعلّم المستمر.

وممّن كتب شذرات في علم النّفس التّربويّ كان لي ولله الحمد حظّ الاستعانة ببعض مراجعهم:

* الزّرنوخيّ في: «تعليم المتعلّم طريق التّعلّم».

* أبو الحسن القادسيّ في: «الرّسالة المفصّلة لأحوال المتعلّمين»، «أحكام المعلّمين والمتعلّمين».

* ابن سمعانيّ في: «أدب الإملاء والاستملاء».

* مسكويه: «تهذيب الأخلاق».

* ابن عبدالبرّ: «بيان العلم».

* وممّا استرشد به العلماء في تربية الأولاد بعض النّصائح منها:

1 ـ تأديب الابن وتهذيبه وتعليمه محاسن الأخلاق، والمحافظة عليه من أصدقاء السّوء.

2 ـ تعويد الابن (الطّفل) على الحياة الخشنة والصّبر على المكاره، وعدم اللغو في الكلام، وتعويده عدم الحلف صادقاً أو كاذباً.

3 ـ تعويده على اللّباس المحتشم الوقور (ستر العورات).

4 ـ الاعتماد في تربية الابن على الثّواب والعقاب والمدح أمام النّاس، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا يكون العقاب لكلّ أمر، فيستحسن التّغاضي عن بعض الهفوات.

5 ـ منع الطّفل من النّوم نهاراً، ومن كلّ ما يفعله خفية فإنّه لا يخفي إلاّ ما هو قبيح.

6 ـ تعويده على الحركة والرّياضة.

7 ـ منعه من التّفاخر على الأقران، وتعويده التّواضع وطيب الحديث.

8 ـ تعويده على العطاء ولو كان فقيراً.

9 ـ السماح له باللّعب بعد الدّراسة ليستريح ويتجدّد ذكاؤه ونشاطه.

10 ـ تعويده النّظافة والآداب العامّة كآداب الأكل والجلوس والحديث وغيرها.

11 ـ تعليمه الطّهارة والصلاة والصّوم عند بلوغه مبلغ الرّجال، وإعلامه بكلّ ما يحتاجه من أمور الشّرع.

وهكذا لا يسعنا ختاماً سوى أن ندعو الله (عز وجل) أن يسدّد خطانا لما يحبّه ويرضاه وأن يجعلنا من عباده المخلصين، والحمد لله أوّلاً وآخراً، مع الشّكر الجزيل لكل من ساهم معي لايصال هذا العمل خالصاً لوجه الله، جزاهم الله عنّي خيراً.

ربّنا تقبّل منّا أعمالنا واجعلها خالصة لوجهك الكريم، اللّهم خلّص نيّاتنا وقلوبنا من حبّ الدّنيا وشهواتها واجعل علمنا وعملنا دوماً ابتغاء وجهك الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

د.شيرين لبيب خورشيد     بيروت في 7/10/2018م